أصبت أصاب الله بك، أمتك على الفطرة
وفي لفظ: " أصبت أصاب الله بك، أمتك على الفطرة"
وهذا الحديث مدار موضوعنا هذا، فقد بيَّن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث فوائد:
الأولى: أن الإنسان مفطور على أشياء كثيرة، رُكِّب عليها، وهي
ما يسمى بـ"الفطرة"،
فالفطرة: هي ما جُبل عليه الإنسان في أصل الخلقة من الأشياء الظاهرة والباطنة، تلك
الأشياء التي هي من مقتضى الإنسانية، والتي يكون الخروج عنها أو الإخلال بها
خروجًا عن الإنسانية، أو إخلالاً بها.
وهذا المعنى يُفهم من كلام كثير من الأئمة: كابن القيم، وابن حجر، وابن دقيق العيد، والسيوطي..،
وغيرهم من المحدثين، والمفسرين.
يقول ابن القيم - رحمه الله -: "والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب،
وهي معرفة الله ومحبته، وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية، وهي هذه الخصال (يعني
المذكورة في حديث: "الفطرة خمس... فالأولى: تزكي الروح، وتطهر القلب، والثانية: تطهر
البدن..".
الثانية: أن
الرسالات السماوية جاءت موافقة للفطرة، مؤيدة لها، منطلقة منها؛ ولذلك كان الإسلام
دين الفطرة، قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله)ِ [الروم:30].
ويعبر عن ذلك في الحديث شربه - صلى الله عليه وسلم - للبن، فهو عبارة عن
الإشباع الصحيح، والمنهج المنسجم مع الفطرة، وفي اللبن من الغذاء، والصحة، واللذة،
والغناء عن غيره ما فيه، حتى قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن
عباس: "إنه ليس شيء يجزي مكان الطعام أو الشراب غير اللبن
الثالثة: إن ثمة وسائل أخرى يمكن أن يسلكها الإنسان وهي
معارضة للفطرة، مخالفة لها، ويمثلها الخمر في الحديث، فهو رمز عن الإشباع المنحرف، وسلوك الطريق المصادمة للفطرة،
وفي الخمر من الخبث، والطيش، والرجسية ما فيها، فهي تغتال العقول، والأموال،
والأديان، والأبدان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق