الفطرة الإنسانية
الإنسان مفطور على أشياء كثيرة:
مفطور على حب الحياة، والتعلق بالبقاء؛ ولذلك تجد أن الطفل -مثلاً- وهو صبي لا يعقل، لو هددته بأن تسقطه من فوق جدار، أو في بئر، أو ترمي به من سيارة؛ فإنه يرتعد ويبكي خوفًا من الموت والفناء، وهذه فطرة لا يحتاج الطفل إلى تعلمها؛ بل هي مخلوقة معه.
وكثيرًا ما تتحدث الإحصائيات عن نسبة الانتحار في العالم؛ لأنهم يعدُّون الانتحار تصرفًا شاذًًا، يدل على انحراف في تربية هذا المجتمع أو ذاك.
مفطور على العبودية؛ فالإنسان -بطبيعته- ضعيف يحتاج إلى أن يتوجه إلى معبود يسد فقره، أيًّا كان هذا المعبود، سواء كان بحق أو بباطل.
مفطور على حب الوطن، وحب الأرض التي نشأ فيها.
ومن الفطرة: أن كلاًّ من الجنسين -الذكر والأنثى- يميل إلى الآخر بطبيعته.
ومن الفطرة: أن الإنسان يحب الولد، ويحب المال.
ومن الفطرة: أن الإنسان يميل إلى التستر، وألا ينكشف أو يتعرى أمام الناس؛ ولذلك يصف المتحدثون المجتمعات البدائية المتخلفة بأنها مجتمعات عارية، ليس فيها حجاب ولا لباس.
والطفل - منذ صغره - يحس شيئًا فشيئًا بالخجل من ظهور سوءته أمام الآخرين.
وكذلك غريزة حب الملكية -بكسر الميم-، فالإنسان منذ يولد يبدأ تعلقه بأشيائه التي يرى أنها خاصة، ويعدّ الاعتداء عليها ظلمًا له، فهو متعلق بلعبه، وحذائه، وملابسه، وفراشه! وقد تسوِّل له نفسه السطو على أشياء الآخرين، وادعاء ملكيتها.
والظلم من شِيَم النفوس، فإن تجد
ذا عفـة فلِـعِلَّةٍ لا يظلـم!
ومن الفطرة: أن الإنسان يحب الاختلاط ببني جنسه ومعاشرتهم، فهو "مدني بالطبع"، كما يقول ابن خلدون نقلاً عن أرسطو.
وهكذا تجد أن هناك أشياء كثيرة جدًّا الإنسان مفطور عليها، صحيح أنها قد تنمو مع نمو عقل الإنسان، ومع تربيته، ومع معايشته للمجتمع، لكنها موجودة في أصل الخلقة، بحيث لو لم يوجد شيء ينميها، ولا آخر يعارضها، لبرزت ونمت كما تنمو الشجرة من بذرتها؛ ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة: "كل مولود يولد على الفترة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق